مشاعر .
رفتن به کانال در Telegram
2025 سال در اعداد

90 734
مشترکین
-8324 ساعت
-6827 روز
+2 21730 روز
آرشیو پست ها
Repost from TgId: 1346065470
لاتنسوا قراءة سورة الكهف فإنها نورٌ ما بين الجمعتين .
أنا يا صديقي أقع بين عالمين، أستطيع أن أنعجن بقصص الناس وأذوب في حواراتهم دون أن يأخذ ذلك شيئاً من روحي، لكنني أحتاج بعد ذلك أن ألتقي بي فيما وراء العالم، حيث أفهم من أنا من جديد بعد مرور كل هؤلاء الأشخاص، أنا الإجتماعي الأكثر عزلة، الواحد بين الناس، الكثير في نفسه .
مواطن فرادة الإنسان ليست بالضرورة خارقة ومدهشة، وعلى العكس لو تأمل الإنسان في نفسه لوجد أن مكمن سحره لا يتعدى كونه هو، ببساطته، وعفويته، وعاديته، التي تجعل منه مزيجاً نادراً قد يُصادف أن تتشابه بعض من تفاصيله مع غيره، لكنه يبقى بهذا التجمّع الدافئ لتلك الصفات فريداً ولا يُشبه أحداً .
قد تُعاني من ليالي السُهاد ما يُثير غيرة أكبر المُعذبين في الأرض، إلا أن لا أحد سوف يُصدقك ما لم يبدو أثرها ظاهراً على ملامحك، في غياب الشهود لا تملك إلا أن تستمر في لعب دور الكاذب و في التمثيل كذلك لا يسعك إلا حبّك الدور والتعايش معه أفضل من أيّاً كان، إلى أن تُصبح أنتَ نفسك شريكاً للذين لا يُصدقون، وتنسى أنك أصلاً تعيش الكذبة والتمثيل واقعاً، هارباً من واقعك ومن مرارته بأي وسيلة مُمكنه حتى لو كانت كذباً، وفي لحظة تذكّر واحده تهدم كل ذلك ولا تنسى ويظهر ذلك عليك بأبشع الصور، ومن ثم تعود الى وهمك وتمثيلك وتكون غارقاً فيه حتى تُداهمك لحظة تذكّر أُخرى، وتقتلك مرةً أخرى، وتموت موتت البطل ألف مرة، وتُعيد الكرة ألف مرة، في أداء أوسكاري لا يعلمه أحداً غيرك .
لم يعد الناس مُكرهين غالباً على أداء شيء مجاناً، اكتشفوا أن ملذات الإحسان لا تهب غير متعة الزهو، و لأن الزهو مجرد وهم، فهم ينشدون الآن حواساً ماديّة أكثر .
فزع إلى أوهامه وخيالاته يخترع أزمنة غير هذهِ الأزمنة، أمكنة غير هذهِ الأمكنة، بشراً غير هؤلاء البشر، وقواعد غير التي نحيا بها، وفي نهاية الأمر عاد إلى واقعه ونام وهو يلتحف الأمل .
ولكن ماذا بقي لي من هذا كله لا شيء إلا تعب يُشبه التعب الذي يعقب معركة مع شبح أو ذكرى مشوشة تفيض بالحسرات، لقد أفنيت في ذلك الصراع العقيم، حرارة الروح وثبات الإرادة، وكلاهما ضروري جداً لحياة الفعل والنشاط، وحين دخلت هذهِ الحياة التي سبق أن عشتها بالفكر، شعرت بالضجر، وشعرت بما يُشعر به من إشمئزاز شخص يقرأ تقليداً سيئاً لكتاب يعرفه منذ مدة طويلة .
النجوم : مرايا الوجود في عتمة الكون، في عُمق السماء اللامتناهية، تتلألأ النجوم كعيون خفية تُراقبنا من مسافاتٍ سحيقة، تُقاس بوحدةٍ ما تُسمى بالسنة الضوئية، حاملة رسائل غير مكتوبة من عمق الزمن، ليست النجوم مُجرد زخارف ليلية في قبّة السماء، بل هي شظايا من الحقيقة، و مرايا تعكس هشاشة وجودنا في هذا الكون الواسع، حين نتأملها نُدرك أن الضوء الذي يصل إلينا قد انبعث منذ ملايين السنين، وربما يكون مصدره قد مات منذُ أمد بعيد، ومع ذلك يستمر وهجه في السفر مُتحديًا الموت والزمن، كأن النجوم تهمس لنا : حتى بعد الفناء وتقول هناك أثر يبقى ..
إن هذا الضوء العابر للأزمان يُوقظ فينا شعورًا مزدوجًا بالرهبة والعزاء، الرهبة من إدراك مدى صغرنا، فنحن مُجرد ذرات تائهة في بحر كوني لا حدود له و عزاء لأن في هذا العدم اللامتناهي تكمن حقيقة أن وجودنا مهما كان هشًا، ليس بلا معنى، نحنُ كائنات زمنية لكنها مشدودة إلى الأبدية تمامًا، كما أن النجوم رغم نهايتها الحتمية تستمر في بث نورها، شاهدة على أن ما يتركه الإنسان خلفه قد يتجاوز حدود عمره، النجوم ليست فقط دليلًا على مرور الزمن بل هي أيضًا رمز لقدر الإنسان وتوقه الدائم لفهم ما يتجاوز إدراكه، منذُ فجر الحضارات رفع الإنسان رأسه إلى السماء باحثًا عن أجوبة لأسئلته الوجودية، مُتسائلًا عن مكانه في هذا النسيج الكوني، كانت النجوم تُقرأ ككتابات إلهية، تُرشد وتُلهم، لكنها في الوقت ذاته تُذكره بحدود معرفته وعجزه أمام اتساع الكون، كل نجم هو بمثابة نقطة في مُخطط هائل لا نفهم تفاصيله ومع ذلك، نجد فيه انعكاسًا لرحلتنا البشرية، نسير في الظلام ونبحث عن نور يقودنا، وربما نكتشف أن النور كان في داخلنا طوال الوقت، النجوم ليست فقط أجرامًا بعيدة بل هي دعوة للتأمل في طبيعة وجودنا، هي تذكير بأن كل لحظة من حياتنا مهما بدت تافهة أو عابرة، تحمل في طيّاتها صدى الأبدية، وحين نرفع أعيننا إلى السماء لا نرى فقط بقايا انفجارات كونية، بل نرى قصة الإنسان، قصة مخلوق صغير في كون شاسع يُحدق في العتمة، ويجرؤ على أن يحلم بالنور، تلك النقاط المُضيئة في السماء ليست بعيدة كما نظن، إنها تسكننا، تعكس رحلتنا في البحث عن المعنى، وتمنحنا يقينًا بأن في قلب العتمة دائمًا ضوء، وفي قلب الفناء دائمًا أثر .
